قصة تعلمنا
روى الفقية أبو الليث بسنده قال : دخل عمر رضى الله عنه على رسول الله " صلى الله عليه وسلم " باكيا ، فقال له رسول الله " صلى الله عليه وسلم " " ما يبكيك يا عمر؟ "فقال : يا رسول الله بالباب شاب قد أحرق فؤادى وهو يبكى . فقال له رسول الله " صلى الله عليه وسلم " " ادخله يا عمر " قال : فدخل وهو يبكى . فقال له رسول الله " صلى الله عليه وسلم " " ما يبكيك يا شاب ؟ " قال : يا رسول الله أبكتنى ذنوب كثيرة ، وخفت من جبار غضبان على . فقال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " " أشركت بالله شيئاً " قال : لا قال : " أقتلت نفساً بغير حق ؟ " قال : لا " فإنه الله يغفر ذنبك ولو كان مثل السموات السبع والأرضين والجبال " قال : يا رسول الله ، ذنبى أعظم من ذلك . قال : " ذنبك أعظم أم الكرسي ؟ قال : ذنبى أعظم يا رسول الله . قال : " ذنبك أعظم أم العرش ؟ " قال : ذنبى أعظم . قال " ذنبك أعظم أم إلهك ؟ " – يعنى : عفو الله – قال : بل الله أعظم وآجل . قال : فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم " – يعنى : عظيم التجاوز – ثم قال له رسول الله " صلى الله عليه وسلم "" أخبرنى عن ذنبك " قال : أستحى منك يا رسول الله قال : " بل أخبرنى " قال يا رسول الله ، إنى كنت أنبش القبور منذ سبع سنين حتى ماتت جارية من بنات الأنصار ، فنبشت قبرها ،وأخذت كفنها ، ومضيت غير بعيد فغلب الشيطان على ، فرجعت فجمعتها ثم مضيت غير بعيد ، وإذا بالجارية قامت وقالت : ويلك يا شاب ! أما تستحى من ديان يأخذ للمظلوم من الظالم ، تركتنى عريانة فى عسكر الموتى ، وأوقفتنى جنباً بين يدى الله عز وجل ، قال : فوثب رسول الله " صلى الله عليه وسلم " وهو يدفع فى قفاه ويقول : " يا فاسق ما أحوجك إلى النار " ، أخرج عنى " فخرج الشاب تائباً إلى الله تعالى أربعين ليلة ، فلما تم له اربعين ليلة رفع رأسه إلى السماء وقال : يا إله محمد وآدم وإبراهيم إن كنت غفرت لى فأعلم محمداً " صلى الله عليه وسلم " وأصحابه ، وإلا فأرسل ناراً من السماء فأحرقنى بها ، ونجنى من عذاب الآخرة .فهبط جبريل على النبى " صلى الله عليه وسلم " وقال : يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك : أنت خلقت الخلق ؟ فقال : بل هو الذى خلقنى وخلقهم ورزقنى ورزقهم " قال جبريل عليه السلام " : يقول لك الله تعالى : إنى تبت على الشاب . فدعا النبى " صلى الله عليه وسلم " الشاب وبشره بأن الله تعالى تاب عليه .
المرجع : كتاب مكاشفة القلوب المقرب إلى علام الغيوب للشيخ الغزالى .